نتناول معكم في هذه الأسطر حديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حديث اجتماعي اقتصادي بكل ما يحمله من معاني .
أخرج مسلم في صحيحه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( غطوا الإناء وأوكوا السقاء وأغلقوا الباب وأطفؤا السراج فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح بابا ولا يكشف إناء فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ويذكر اسم الله فليفعل فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم )
حديث عجيبا يحمل في طيه معاني كثيرة سامية ، معانٍ اجتماعية واقتصادية .
غطوا الإناء : أي أحكموا تغطيته ؛ وفي رواية ( ولو أن تعرض عليه عوداً أو يذكر اسم الله فليفعل) ومعناه تمده عليه عرضا أي خلاف الطول وهذا عند عدم وجود ما يغطيه به . وذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد منها الفائدتان اللتان وردتا فى هذه الأحاديث وهما صيانته من الشيطان فإن الشيطان لايكشف غطاء ولايحل سقاء وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة وفي رواية أن في السنة لليلة وفي رواية يوما ينزل وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو شيء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه ذلك الوباء .
والفائدة الثالثة صيانته من النجاسة والمقذرات والرابعة صيانته من الحشرات والهوام فربما وقع شيء منها فيه فشربه وهو غافل أو في الليل فيتضرر به ؛ لأن هوام الأرض تخرج بالليل بحثاً عن الأكل والمكان البارد فإذا وجدوا قربة الماء مفتوحة غير محكمة الإغلاق لربما دخلت فيه أفعى .
قوله : وأوك أمر من الإيكاء وهو الشد والوكاء اسم ما يشد به فم القربة .
قوله : ( وأغلقوا الباب ) فيه إشارة إلى أن الجميع موجود في المنزل لا أحد في الخارج ولن يخرج أحد بعد .
هذا خلق عظيم وأدب جميل أن يجمع أهل المنزل لتناول وجبة العشاء التي تعملها الأم وتتعب عليها بخلاف إذا تناول كل واحد منهم سندويش وجلس في زاوية أو في غرفته .
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم بعد المغرب والكلام بعد العشاء إلا في مصالح المسلمين .
وعلى ذلك سار صحابته الكرام وتابعيهم والايمه والعلماء والعارفين والصالحين .
قال تعالى : (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) (الذريات:17) وذلك للقيام لصلاة الفجر بنشاط وهمة ، ومن كان له حظ من الليل يقوم .
قوله : ( وأطفىء ) أمر من الإطفاء إنما أمر بذلك لأنه جاء في ( الصحيح ) أن الفويسقــــة ( وهي الفأرة ) جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت وهو عام يدخل فيه السراج وغيره وأما القناديل المعلقة فإن خيف حريق بسببها دخلت في الأمر بالإطفاء وإن أمن ذلك كما هو من الغالب فالظاهر أنه لا بأس بها لانتفاء العلة .
وهذا شأن الفأرة أنها تخرب وتمزق أسلاك الكهرباء وتعيث في البيت فساداً ، لذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( خمساً يقتلن في الحل والحرم .... وذكر منهن الفأرة .
فينبغي علينا ان نعمل بهذا الحديث تأسياً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) .
فبعد صلاة العشاء نغلق علينا بابنا ونتأكد من وجود الجميع في المنزل ، ولا تكون الزيارات بعد العشاء إلى منتصف الليل .
وكذلك نتأكد من غلق الأنوار الإضافية التي لا نحتاجها لوفر في استهلاك الكهرباء ولنأمن على أنفسنا .
هذا وإلى اللقاء في أدب وحديث آخر من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته