الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد
فهذه رسالة عبارة عن كشف لحقيقة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ، أراد المرجفون أن يستروها عن الناس ويشككوا العامة في دينهم ، ويلقوا عليهم الشبهات . فنقول وبالله التوفيق :
عَنْ صَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيَ . قَالَتْ: كَانَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفاً. فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً. فَحَدّثْتُهُ. ثُمّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ. فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي. وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. فَمَرّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ. فَلَمّا رَأَيَا النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا. فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَىَ رِسْلِكُمَا. إِنّهَا صَفِيّةُ بِنْتُ حُيَيَ» فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «إِنّ الشّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَىَ الدّمِ. وَإِنّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً» أَوْ قَالَ «شَيْئاً».
قوله: (في حديث صفية رضي الله عنها وزيارتها للنبي صلى الله عليه وسلم في اعتكافه عشاء فرأى الرجلين فقال: إنها صفية فقالا سبحان الله فقال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) الحديث فيه فوائد منها بيان كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومراعاته لمصالحهم وصيانة قلوبهم وجوارحهم وكان بالمؤمنين رحيماً فخاف صلى الله عليه وسلم أن يلقي الشيطان في قلوبهما فيهلكا, فإن ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع والكبائر غير جائزة عليهم , وفيه أن من ظن شيئاً من نحو هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر .
قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم» قال القاضي وغيره: قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه, وقيل هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته
فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه, وقيل يلقى وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل الوسوسة إلى القلب والله أعلم .
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ما نصه :
هل هناك دليل على أن الجن يدخلون الإنس ؟
فأجاب بقوله : نعم هناك دليل من الكتاب والسنة ، على أن الجن يدخلون الإنس فمن القرآن قوله – تعالى – { الذين يأكلون الربا ولا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس }
قال ابن كثير – رحمه الله – ( لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه ، وتخبط الشيطان له ) ، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) كما تقدم .
( إنهم . أي أهل السنة صلى الله عليه وسلم يقولون إن الجني يدخل في بدن المصروع ) . واستدل باآية السابقة .
وقال عبدالله بن الإمام أحمد : ( قلت لأبي : إن قوماً يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال : يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه ) .
وقد جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواها الإمام أحمد والبيهقي ، أنه أُتيَ بصبي مجنون فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( أخرج عدوا الله ، أخرج عدوا الله ) وفي بعض ألفاظه (أخرج عدوا الله أنا رسول الله ) فبرأ الصبي .
فأنت ترى أن في هذه المسألة دليلاً من القرآن الكريم ودليلين من السنة ، وأنه قول أهل السنة والجماعة وقول أئمة السلف ، والواقع يشهد به ومع هذا لاننكر أن يكون للجنون سبب آخر من توتر الأعصاب واختلال المخ وغير ذلك.
عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ. قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ؟ قُلْتُ: بَلَىَ. قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السّوْدَاءُ. أَتَتِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: إِنّي أُصْرَعُ. وَإِنّي أَتَكَشّفُ. فَادْعُ اللّهَ لِي. قَالَ «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنّةُ. وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ». قَالَتْ: أَصْبِرُ. قَالَتْ: فَإِنّي أَتَكَشّفُ. فَادْعُ اللّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشّفَ, فَدَعَا لَهَا.
كيف يدخل الجني في بدن الإنسي ؟ ,اين يستقر ؟
الجن ريح ، وجسم الإنسان به مسام ولذلك يمكن للجني أن يدخل من أي مكان في جسم الإنسان والدليل على أن الجن ريح قوله تعالى { وخَلَقَ الجانَّ من مارجٍ من نار } .
ويقول ابن عباس : من طرف اللهب وطرف اللهب هو الهواء الساخن الخارج من النار .
وعندما يدخل الجني في بدن الإنسي يتوجه مباشرة إلى المخ وعن طريق المخ يستطيع أن يؤثر على أي عضو من أعضاء الإنسان من مركزه في المخ ، وقد أثبتت البحوث الطبية أن مرضى الصرع لديهم ذبذبات أثيرية غريبة مستقرة في المخ ولقد أخرني كثير من الجن أنهم مستقرون في المخ .
وقال لي أحدهم أنا أستطيع أن أوثر على أي عضو من أعضاء هذا الإنسان وقلت مرة لجني أمسك هذا الذراع فمد ذراعه فقام ثلاثة من الشباب الأقوياء ليثنوا هذا الذراع فلم يستطيعوا فقلت له أتركه فتركه فصار كما كان .